دفء التأريخ/ بقلم. عبدالله أيت أحمد / المغرب

دفء التّاريخ..!
كلّما حدّقت في عينيها..
وتعمّقت فيهما..!
أرى فيهما ذات البريق..
لم يتغيّر زُهاء الأربعين حولا..
نفس النّظرة ونفس الصّوت والنّغمة..
الشّيء الّذي تغيّر فيها سحنتها..
ولون شعرها وقوامها الممشوق..!
لقد غزتها معاول السّنين الطّويلة..!
تلك الخدود الّتي اعتلاها الحُبّ..
والتّضحيّات الجسام..
وتلك التّرهّلات بألف عَلم..!
وألف انتصار..
هي من تسهر اللّيالي..
وتُشمّر عن سواعدها بالنّهار..
تشقّقت راحاتا يديها وأرجلها..
روحها أرِقت وهَزُل جسمها..!
حرمت نفسها لذّة العيش..
من أجل ألّا نشقى..
نشبع وتجوع..
نكسو وتموت بردا..
وتبكي كي لا نبكي..
فأسقتنا من وريدها الدّفء والحياة..!
وها هي الآن أمامي تكبر..
كنخلة شامخة بأكلها ورطبها..!
ولا أشبع من رؤيتها وحلاوتها..
وهي تُحدّق في عينيّ باستمرار..
كأنّها تسترجع ذكرى الأيّام الخوالي..
بدون ملل ولا كلل..
وبكلّ وفاء يتسرّب شُعاع عشقها.
ويشقّ جدار الصّمت..
فتجهش السّريرة بالبكاء..
حبيبتي أفنيتِ كلّ شيء فيكِ..
من أجلنا وجمع شملنا..
لكنّنا افترقنا في خريطةحبّك..!
وكلّ منّا استأثر بقطعة منك..
ولا أحدا منّا بصبرك وجهادك يُبالي..
وبقيتُ وحيدا تائها..
في متاهات العمر..!
وأرى في عيونِ أبنائي ما كنت ترين.
ورجعتُ للتّاريخ..
فوجدتُ أنّك تُكافحين منذ بدأت..
عبدالله أيت أحمد/المغرب

تعليقات

المشاركات الشائعة